سورة العاديات - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (العاديات)


        


{وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7)}
{وَأَنَّهُ} أي الإنسان كما قال الحسن ومحمد بن كعب {على ذلك} أي على كنوده {لَشَهِيدٌ} لظهور أثره عليه فالشهادة بلسان الحال الذي هو أفصح من لسان المقال وقيل هي بلسان المقال لكن في الآخرة وقيل شهيد من الشهود لا من الشهادة عنى أنه كفور مع علمه بكفرانه وعمل السوء مع العلم به غاية المذمة والظاهر الأول وقال ابن عباس وقتادة ضمير أنه عائد على الله تعالى أي وأن ربه سبحانه شاهد عليه فيكون الكلام على سبيل الوعيد واختاره التبريزي فقال هو الأصح لأن الضمير يجب عوده إلى أقرب مذكور قبله وفيه أن الوجوب ممنوع واتساق الضمائر وعدم تفكيكها يرجح الأول فإن الضمير السابق أعني ضمير {لربه} للإنسان ضرورة وكذا الضمير اللاحق أعني الضمير في قوله تعالى:


{وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8)}
{وَإِنَّهُ لِحُبّ الخير} أي المال وورد بهذا المعنى في القرآن كثيرًا حتى زعم عكرمة أن الخير حيث وقع في القرآن هو المال وخصه بعضهم بالمال الكثير وفسر به في قوله تعالى: {إِن تَرَكَ خَيْرًا الوصية} [البقرة: 180] وإطلاق كونه خيرًا باعتبار ما يراه الناس وإلا فمنه ما هو شر يوم القيامة واللام للتعليل أي أنه لأجل حب المال {عَذَابِى لَشَدِيدٌ} أي لبخيل كما قيل وكما يقال للبخيل شديد يقال له متشدد كما في قول طرفة {: أرى الموت يعتام الكرام ويصطفى عقيلة مال الفاحش المتشدد} وشديد فيه يجوز أن يكون عنى مفعول كأن البخيل شد عن الافضال ويجوز أن يكون عنى فاعل كأنه شد صرته فلا يخرج منها شيئًا وجوز غير واحد أن يراد بالشديد القوي ولعله الأظهر وكان اللام عليه عنى في أي وأنه لقوي مبالغ في حب المال والمراد قوة حبه له وقال الزمخشري المعنى وأنه لحب المال وإيثار الدنيا وطلبها قوي مطيق وهو لحب عبادة الله تعالى وشكر نعمته سبحانه ضعيف متقاعس تقول هو شديد لهذا الأمر وقوي له إذا كان مطيقًا له ضابطًا وجعل النيسابوري اللام على هذا التعليل وليس بظاهر فتأمل وقال الفراء يجوز أن يكون المعنى وأنه لحب الخير لشديد الحب يعني أنه يحب المال ويحب كونه محبًا له إلا أنه اكتفى بالحب الأول عن الثاني كما قال تعالى: {اشتدت بِهِ الريح فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} [إبراهيم: 18] أي في يوم عاصف الريح فاكتفى بالأولى عن الثانية وقال قطرب أي أنه شديد لحب الخير كقولك أنه لزيد ضروب في أنه ضروب لزيد وظاهر لتمثيل أنه اعتبر حب الخير مفعولًا به لشديد وإن شديد اسم فاعل جيء به على فعيل للمبالغة وإن اللام في لحب للتقوية وفيه ما فيه وقيل يجوز أن يعتبر أن شديدًا صفة مشهبة كانت مضافة إلى مرفوعها وهو حب المضاف إلى الخير إضافة المصدر إلى مفعوله ثم حول الإسناد وانتصب المرفوع على التشبيه بالمفعول به ثم قدم وجر باللام وفيه مع قطع النظر عن التكلف أن تقدم معمول الصفة عليها لا يجوز وكونه مجرورًا في مثل ذلك لا يجدي نفعًا إذ ليس هو فيه نحو زيد بك فرح كما لا يخفى ويفهم من كلام الزمخشري في الكشاف جواز أن يراد به ما هو عنده تعالى من الطاعات على أن المعنى أنه لحب الخيرات غير هش منبسط ولكنه شديد منقبض وقوله تعالى:


{أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9)}
{أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِى} إلخ تهديد ووعيد والهمزة للإنكار والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام ومفعول يعلم محذوف وهو العامل في إذا وهي ظرفية أي أيفعل ما يفعل من القبائح أو ألا يلاحظ فلا يعلم الآن مآله إذا بعثر من في القبور من الموتى وإيراد ما لكونهم إذ ذاك عزل من رتبة العقلاء وقال الحوفي العامل في إذا الظرفية يعلم وأورد عليه أنه لا يراد منه العلم في ذلك الوقت بل العلم في الدنيا وأجيب بأن هذا إنما يرد إذا كان ضمير يعلم راجعًا إلى الإنسان وذلك غير لازم على هذا القول لجواز أن يرجع إليه عز وجل ويكون مفعولًا يعلم محذوفين والتقدير أفلا يعلمهم الله تعالى عاملين بما عملوا إذا بعثر على أن يكون العلم كناية عن المجازاة والمعنى أفلا يجازيهم إذا بعثر ويكون الجملة المؤكدة بعد تحقيقًا وتقرير لهذا المعنى وهو كما ترى وقيل إن إذا مفعول به ليعلم على معنى أفلا يعلم ذلك الوقت ويعرف تحققه وقل إن العامل فيها بعثر بناء على أنها شرطية غير مضافة قالوا ولم يجوز أن يعمل فيها {لخبير} لأن ما بعد إن لا يعمل فيما قبلها وأوجه الأوجه ما قدمناه وتعدى العلم إذا كان عنى المعرفة لواحد شائع وتقدم تحقيق معنى البعثرة فتذكر. وقرأ عبد الله بحثر بالحاء والثاء المثلثة وقرأ الأسود بن زيد بحث بهما بدون راء وقرأ نصر بن عاصم بحثر كقراءة عبد الله لكن بالبناء للفاعل.

1 | 2 | 3 | 4